مع اشتداد الحر.. خارطة العطش تتسع في مدينة روصو وضواحيها (تقرير)

تعاني عدة أحياء في مدينة روصو، إضافة إلى بعض القرى التابعة لها، أزمة عطش حادة تزداد حدتها يوما بعد يوم، وذلك رغم ارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الأيام، واشتداد الحر.

 

وهي أزمة لا يمكن لإنسان أن يقبلها أو يستسيغها، خصوصا أن المدينة تقع على ضفاف نهر السنغال، الذي يزود مدينة نواكشوط بالماء الصالح للشرب، وتسعى سلطات البلاد في الوقت الحالي إلى أن توفر من خلاله مياه الشرب لعاصمة ولاية لعصابة (حوالي 600 كلم شرق روصو).

 

وقام وزير المياه والصرف الصحي أسماعيل ولد عبد الفتاح، والمدير العام للشركة الوطنية للماء محمد محمود ولد جعفر، بزيارة للمدينة قبل حوالي أسبوعين، متعهدين بوضع حد لهذه الأزمة، لكن ذلك لم يغير شيئا من واقع "المدينة العطشى".

 

وحمّل المدير العام لشركة الماء المسؤولية لشركة الكهرباء التي أدى قطعها للكهرباء إلى شلّ مضخات شركة الماء، وهو التبرير غير المقبول نظريا بالنسبة لعدد من السكان والمسؤولين، الذين يعتبرون أن شركة واسعة الانتشار، ويستفيد من خدماتها آلاف الزبناء، ينبغي أنت تكون لها بدائل جاهزة في حالة انقطاع الماء.

 

والتزمت السلطات الصمت اتجاه هذه الأزمة، واكتفت بطمئنة المواطنين، والتأكيد أن الأزمة ستجد حلا مع الزمن.

 

خارطة عطش

وتمثل أحياء "الثانوية" و"دملدك"، والصطارة"، و"الهلال"، نموذجا لمعاناة يومية يعيشها أهل روصو بعدة مناطق لتوفير المياه الصالح للشرب.

ووفق مراقبين، يعود ذلك إما لعدم ربط بعض المناطق السكنية في المناطق البعيدة بشبكات التزود بالمياه أو لقدمها بفعل الزمن وعدم القيام بإصلاحات دورية، ما يزيد من معاناة الأهالي في البحث عن مصدر للمياه، وسط تفاقم الحر وازدياد الحاجة للماء صيفا.

 

وتحمل "فاطمة بنت عمر" التي تسكن حي "الثانوية" في روصو عدة أوعية وتقف في طابور تحت أشعة شمس فاقت 45 درجة، منتظرة دورها لملء المياه، في مشهد يختزل معاناة يومية بحثا عن الماء الصالح للشرب.

 

ورغم الجهود التي قام بها بعض سكان حي "الثانوية" و"دملدك" من أجل توفير المياه، والقيام بحفر جديد بالتنسيق مع شركة الماء في المدينة، فإن ذلك لم يسهم في "تقاطر ماء الحنفية"، رغم أن بعض المواطنين أكدوا لـ "لكوارب" دفعهم لمستحقات مالية مقابل ذلك.

 

واتسعت دائرة العطش خلال الأسبوع الماضي لتشمل سكان حي "الكلم6"، و"الكلم10"، و"الكلم13" شمال مدينة روصو، بينما تعاني أحياء في الكلم7 من انقطاع الماء منذ حوالي شهر.

 

ويقول عمر صو في تصريحات لـ "لكوارب" إن سكان حي "الكلم6" قاموا الأسبوع الماضي بوقف حركة السير بين مدينة روصو ونواكشوط، لعدة ساعات من أجل لفت انتباه الجهات المعنية حول هذه الأزمة.

 

واشار إلى أن ممثلين منهم اجتمعوا بالسلطات الإدارية، وأنها أكدت أن الأزمة سيتم حلها، مضيفا "نحن جاهزون للتحرك من أجل الضغط على الجهات المعنية لحل هذه الأزمة الحادة".

 

وقبل أسبوعين تحرك سكان "الكلم13" ونظموا أنشطة احتجاجية قاموا خلالها بوقف حركة السير قبل أن تتدخل الشرطة، وتطلب ممثلين منهم لمحاورة السلطات الإدارية.

 

كما نظم سكان "الكلم10" احتجاجات تم خلالها قطع الطريق وخرق إطارات السيارات في مشهد احتجاجي يقوم بها سكان المنطقة كلما اشتدت أزمة العطش.

 

ورغم الوعود المتكررة فإن المناطق المذكورة ما تزال تعاني من العطش، وهو ما يجعل العودة للاحتجاجات وقطع الطريق، أمر وارد في كل حين.

 

 غياب المنتخبين..

وأمام هذه الأزمة الحادة، والتي تتسع خارطتها يوما بعد يوم اختفى عمدة ونواب المدينة عن الأنظار، ولم يتدخل أي منهم للتعبير عن موقفه من أزمة العطش، أو التضامن مع معاناة المواطنين.

 

ولم تشهد جلسات البرلمان أي مساءلة أو تدخل من نواب مقاطعة روصو حول الأزمة، ومر مثول الوزير الأول أمام البرلمان بسلام دون أن يسمع أن روصو تعاني العطش، حسب تعبير أحد المواطنين.

 

ولوحظ حضور عمدة روصو بمب ولد درمان خلال زيارة وزير المياه والصرف الصحي، لكنه اكتفى بالقول إن "أزمة الماء" مبالغ فيها، وأن مياه مدينة روصو "ليست ملوثة".

1 August 2023