روصو: "ازكلم يابس" و"مصابيح محترقة".. عشرات الملايين أنفقت في "مشاريع متعثرة"

منذ حوالي سنة بدأ مشروع "مدن" تنفيذ عدد من المشاريع "الهامة" في مدينة روصو، وسط ارتياح السكان الذين يطمحون إلى الاستفادة من تمويلات هذا المشروع.

 

وقد أنفق المشروع عشرات الملايين في ما سمي "غرس النخيل" لتجميل شوارع المدينة "والإنارة بالطاقة النظيفة"، و"ترميم مقر البلدية"، وبناء "ساحة عمومية"، وغير ذلك من المشاريع.

 

وبعد حوالي سنة من بدأ الأشغال في هذه المشاريع تبين بالدليل القاطع أن ما انفق فيها لا يساوي حجم التمويلات الكبيرة التي رصدت لها، فأين ذهبت تلك الأموال؟

 

 

ويستغرب عدد من المتابعين أن مشاريع روصو المتعثرة، تقابلها مشاريع ناجحة لمشروع "مدن"، وقد أصبحت معالم مميزة في كيفه بولاية لعصابه، ولعيون بولاية الحوض الغربي، والنعمة بولاية الحوض الشرقي.

 

"وكالة أنباء لكوارب" تفتح ملف مشروع مدن، ونتطرق في الحلقة الأولى لـ "غرس النخيل" و"الإنارة".

 

مشروع مدن في سطور..

مشروع دعم اللامركزية وتنمية المدن الوسيطة المنتجة (مدن)، هو مشروع ممول من طرف الحكومة الموريتانية والبنك الدولي بمبلغ 71 مليون دولار لمدة خمس سنوات يغطي سبع مدن وسيطة هي: روصو، النعمة، لعيون، كيفه، سيليبابي، باسيكنو، عدل بكرو، امبيرا.

 

وتقول الجهات الرسمية إن المشروع يهدف إلى "دعم سياسة اللامركزية الوطنية من خلال التنمية الاقتصادية والحضرية لمدننا الوسيطة موكدا أن "مشروع مدن يمثل ثمرة الشراكة الناجحة بين موريتانيا والبنك الدولي".

  

ويؤكد منسق المشروع في كلمة بمناسبة انطلاق أنشطته أنه "استطاع تحديد 59 مشروعًا، موزعة على البلديات السبع المستفيدة ما يمثل أكثر من ثمانية مشاريع للبلدية الواحدة".

 

 وقال إن المشروع سيقوم في كل بلدية "بتمويل البنية التحتية، وتحسين الولوج إلى الخدمات الحضرية، وتحسين التمويل المحلي وبناء القدرات لتحويل هذه المدن إلى أدوات تنمية محلية حقيقية" مشيرا إلى أن المشروع سيحين إنتاجية المدن الوسيطة كما سيقوي المؤسسات المحلية.

 

وبعد فترة وجيزة على اطلاق المشروع نظمت وزارة الشؤون الاقتصادية ورشة حول آليات إدراج مكونة جديدة لمشروع "مدن"، تتعلق بالتحمل الحضري لمدينتي روصو وكيهيدي. 

 

وناقشت الورشة مكونة جديدة لمشروع مدن تسمى "الصمود الحضري ضد آثار الفيضانات" والتشاور حول إجراءات تنفيذ هذه المكونة. 

 

وأوضحت مسؤولة مشروع "مدن" بالبنك الدولي ٱلكسندرا لكورتوا، أن دعم التحمل الحضري لمدينتي روصو وكيهيدي يعتبر بعدا جديدا في غاية الأهمية. 

 

مشاريع روصو..

يقول عمدة روصو بمب ولد درمان في تصريحات له غداة إطلاق برنامج "مدن" إن روصو ستستفيد "ترميم مبنى البلدية، وانشاء مراكز للتكوين، ومنشآت ترفيهية، ومنشآت عمومية يتم الاحتفال فيها بعيد الاستقلال الوطني، إضافة إلى التكوين في مجال التسيير وتحسين قدرات عمال البلدية ومجلسها البلدي".

 

وتؤكد المصادر الرسمية أن مدينة روصو ستستفيد من هذا المشروع حوالي 10 "مشاريع تنموية".

 

في هذه الحلقة سنتطرق لما اسمتها السلطات حينها بـ "غرس النخيل" إضافة إلى "الإنارة بالطاقة الشمسية، وقد شكل المشروعين مادة دسمة لعدد من أنصار حزب "الإنصاف" خلال الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية الماضية للحديث عن "ثورة تنموية" تنتظرها مدينة روصو.

 

واعتبروا أن روصو ستتغير بشكل كامل، وسيتم غرس النخيل في شوارعها، وإنارتها بشكل كامل، ووضع إشارات المرور، إضافة إلى مشاريع تدعم البنى التحتية في عاصمة ولاية اترارزة.

 

ورغم أن المشروع انطلق مع بداية العام فإن الأشغال تم تكثيفها خلال الحملة الماضية، وبدأ غرس العشرات من الأشجار المعروفة محليا بـ "أزكلم"، كما تم وضع عدد محدود من أعمدة الإنارة بالطاقة الشمسة عند مدخل المدينة الشمالي.

 

ولا توجد لوحات إعلانية تقدم معطيات واضحة عن هذه المشاريع باستثناء مشروع "ترميم بلدية روصو"، والتي اختفت بعد تصويرها من طرف موفد "وكالة أنباء لكوارب"، وسنتطرق لذلك المشروع لاحقا.

 

وتقول مصادر "لكوارب" إن مشروع "أزكلم" ممول بحوالي 58 مليون أوقية قديمة، بينما تم تمويل "الإنارة" بـ 30 مليون أوقية.

 

مشاريع تنموية متعثرة.. إهدار أموال المانحين في موريتانيا

ورغم أهمية المشروعين والأموال الباهظة التي انفقت فيها فإنها اليوم تعتبر "مشاريع متعثرة" بشهادة جميع المتابعين والمهتمين بشأن مدينة روصو، حيث لوحظ في البداية اصفرار وتساقط اوراق الشجر، بينما ذبلت الغالبية، وهي في طريقها إلى الموت، كما تركت عرضة للحيوانات السائبة التي بدأت تتغذى على حشائشها.

 

أما مشروع "الإنارة" فيتعلق بعدد محدود من الأعمدة تم وضعها عند المدخل الشمالي للمدينة، وقد تعطلت بعد فترة وجيزة من اكتمال الأشغال فيها.

 

وتظهر الصور أن الأعمدة التي انفقت فيها 30 مليون أوقية، وضعت عليها "قطع صغيرة" لتوليد الطاقة من الشمس، وأنها لا تساوي المبالغ التي قيل إنها أنفقت فيها.

 

وتقول المصادر إن الإدارة العامة للمشروع تفرض تزكية الجهات البلدية لهذه المشاريع قبل تسلمها بشكل نهائي، وهو من يعني أن كل هذه "المشاريع المتعثرة" تم القبول بها لأسباب لم تتضح بعد، وهو ما يجعل التساؤل مشروعا عن من يتحمل مسؤولية التعثر التنموي؟

11 August 2023