في رمضان.. غزة تخيم بالحزن على القدس والزينة غائبة

خلت البلدة القديمة بمدينة القدس الشرقية الاثنين، من مظاهر البهجة التقليدية بحلول شهر رمضان، مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها السادس.

ففي أزقة وحارات البلدة القديمة المؤدية إلى المسجد الأقصى غابت الأضواء الزاهية والزينة التي عادة ما تميز البلدة في شهر الصيام.

والزينة هي تقليد سنوي يعبر الفلسطينيون من خلالها عن بهجتهم بحلول شهر الصوم وترحيبهم بالوافدين إلى المسجد وتمسكهم بالقدس كمدينة عربية.

زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية (غير حكومي) قال في حديث للأناضول: "القدس حزينة فعلا، ويمكن ملاحظة ذلك في كل التفاصيل، فرمضان هذا العام بالقدس ليس كغيره من الأعوام، الناس حزينة بسبب الحرب على غزة".

وأضاف: "لا توجد زينة لا في البلدة القديمة ولا بالأحياء المحيطة، وذلك تعبيرا عن الحداد على الشهداء والغضب على ما يجري ضد أهلنا في غزة"، وأردف: "هناك دعاء وصلوات لأهلنا في غزة".

وفي المقابل انتشر مئات من أفراد الشرطة الإسرائيلية عند بوابات البلدة القديمة وفي أزقتها وعند البوابات الخارجية للمسجد الأقصى.

وشوهد أفراد الشرطة وهو يوقفون الشبان ويدققون في هوياتهم ويمنعونهم من المرور عبر بوابات البلدة القديمة للوصول إلى الأقصى لأداء الصلوات.

ودأبت الشرطة في شهر رمضان من الأعوام الماضية على السماح للمصلين من سكان القدس الشرقية والداخل الفلسطيني بالصول إلى المسجد الأقصى، ولكنها تفرض قيودا بالقوة هذا العام.

ومساء الأحد، منعت الشرطة الإسرائيلية مئات الشبان الفلسطينيين من الدخول إلى المسجد الأقصى للمشاركة في صلاتي العشاء والتراويح واعتدت عليهم بالضرب عند باب المجلس، أحد الأبواب المؤدية إلى المسجد.

ويتوافد عشرات آلاف المصلين يوميا إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان لأداء الصلوات ولكن القيود الإسرائيلية تفرض مخاوف من رمضان مختلف هذا العام.

وقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية إنها ستتبع ذات الإجراءات التي اتبعتها في الأعوام الماضية بما يخص الصلاة في الأقصى خلال رمضان.

ولكن ما زالت الضبابية تغطي على هذا القرار سيما في ظل استمرار الشرطة الإسرائيلية بمنع الشبان من الدخول إلى المسجد لأداء الصلوات.

ومساء الأحد، منعت الشرطة الإسرائيلية الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية دون سن 40 عاما من دخول المسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح.

وبالمقابل فإن عدة آلاف من الفلسطينيين تمكنوا من دخول المسجد الأقصى لأداء الصلاة.

وما زالت السلطات الإسرائيلية تمنع جميع الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية من المرور عبر الحواجز العسكرية المحيطة بالقدس للوصول إلى المسجد لأداء الصلاة.

وقال الحموري للأناضول: "القيود الإسرائيلية مشددة وهناك انتشار كثيف لقوات الشرطة الإسرائيلية في جميع أنحاء المدينة وقيود على دخول الشبان الفلسطينيين إلى البلدة القديمة أو المسجد الأقصى".

واستدرك قائلا: "ولكن رغم كل القيود الإسرائيلية فإن الفلسطينيين يستمرون في محاولاتهم المتكررة للوصول الى المسجد الأقصى للصلاة".

وشهر رمضان هو بمثابة "الموسم" للتجار في مدينة القدس الشرقية بشكل عام والبلدة القديمة بشكل خاص.

ويستعد التجار لاستقبال رمضان قبل أسابيع من حلوله، حيث تتكدس البضائع استعداد للحركة النشطة التي تشهدها المدينة طوال الشهر.

ولكن التقديرات بعدم السماح للفلسطينيين من سكان الضفة بالوصول إلى الأقصى وفرض القيود على الوصول إلى القدس من الداخل الفلسطيني تجعل تقديرات التجار متشائمة.

وعن ذلك قال الحموري: "هناك تراجع اقتصادي منذ بداية الحرب بسبب الإجراءات الإسرائيلية بما فيها إغلاق البلدة القديمة بالكامل أمام من هم من غير سكانها".

وأضاف: "شهر رمضان هو بمثابة موسم لتجار القدس ولكن مع فرض القيود على وصول المصلين فإن هذا مؤشر على تفاقم الأزمة الاقتصادية المتفاقمة أصلا".

وخلافا للسنوات الماضية فإن أعدادا قليلة جدا من المسلمين في العالم قد تمكنوا من الوصول إلى القدس لإحياء شهر رمضان في القدس.

وفي كل عام يتوافد مئات من المسلمين من بريطانيا وجنوب إفريقيا وغيرها من الدول إلى القدس حيث يقيمون في فنادقها ويحييون رمضان.

ولكن هذا العام تعد أعدادهم قليلة جدا بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة ووقف العديد من شركات الطيران الدولية رحلاتها إلى تل أبيب.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين أول تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية ومجاعة بعدد من المناطق، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".

 

11 March 2024