الْمَقْصُورَةُ فِي الْمَسْجِد..

أحمد عبد الله المصطفى – وكيل الجمهورية السابق بنواكشوط الغربية

المقصورة في المسجد: باستغلال، وجمع مختصر للغاية بين كلام اللغويين والفقهاء هي مكان يُتَّخَذُ في المسجد يُسَوَّرُ باللَّبِن والشَّبابيك، يصلي فيه الأمير أو الحاكم كإجراء أمني احتياطي للحماية..

تاريخيا: جاء في كتاب: "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" للإمام النووي رحمه الله/ كتاب الجمعة ـ باب الصلاة بعد الجمعة: <<..قوله صليت معه الجمعة في المقصورة (يقصد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه): فيه دليل على جواز اتخاذها في المسجد إذا رآها ولي الأمر مصلحة، قالو: وأول من عملها معاوية بن أبي سفيان حين ضربه الخارجي، قال القاضي: واختلفوا في المقصورة فأجازها كثيرون من السلف وصلو فيها منهم الحسن والقاسم بن محمد وسالم وغيرهم، وكرهها ابن عمر والشعبي وأحمد وإسحاق..>>..(شرح صحيح مسلم للنووي ـ المجلد الثالث/ ج 6 ـ صفحة 151 ـ طبعة دار الغد الجديد 2014)..

خَصَّصَ الشريف الإمام نور الدين علي بن عبد الله السمهودي رحمه الله فصلا من كتابه: "وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى" صلى الله عليه وسلم للمقصورة التي في المسجد النبوي، وعنون الفصل بِـ "الفصل الخامس عشر في المقصورة التي اتخذها عثمان رضي الله عنه في المسجد وما كان من أمرها بعده"..

وفي الفصل أن أول من عمل المقصورة داخل المسجد بِلَبِن عثمان بن عفان خوفا من الذي أصاب عمر رضي الله عنهما، وأنه استعمل عليها رجلا برزق شهري، وكانت فيها كُوَى ينظر منها الناس إلى الإمام..

وفي الفصل أيضاً أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه جعلها من ساجٍ حين بنى المسجد..

وفيه كذلك قول آخر: أن أول من أحدث المقصورة في المسجد النبوي مروان بن الحكم بناها بحجارة منقوشة وجعل فيها تشبيكا، وأنه اتخذها بعد محاولة اغتيال تعرض لها من رجل يماني في قصة ساقها..(كتاب وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تحقيق الدكتور قاسم السامرائي ـ الجزء الثاني ـ صفحة 87/88 ـ الطبعة الأولى 2001 ـ مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي فرع مكة المكرمة والمدينة المنورة)..

تاريخيا أيضا، وفي موضوع قد تكون له صلة: وبالرجوع إلى التسجيلات المتوفرة لصلاة العيدين في جامع بن عباس بنواكشوط التي أمها إمام البلاد الأكبر الإمام بداه ولد البصيري رحمه الله لعقود من الزمن بحضور رؤساء الدولة المتعاقبين، يبدو أنه كانت دائما توجد مسافة بين صف رجال الدولة وصفوف عامة الناس، كإجراء أمني احترازي..

إلى ذلك، وفي موضوع منفصل: في الدول الديمقراطية المعاصرة توجد "مقاصير" من نوع آخر: أجنحة رئاسية، وأجنحة خاصة، وصالات VIP، في المطارات، وملاعب كرة القدم، والمستشفيات، وبعض المنشئات الحيوية الأخرى..

تمنع هذه الأجنحة الجمع بين الرؤساء، وكبار الشخصيات من جهة، وبين الجمهور من جهة أخرى، وذلك لاعتبارات أمنية وابرتكولية..

أسعد الله أيام فطركم، وكل أيامكم..
أ. ع. المصطفى

 

11 April 2024